طوق نجاة لأوباما

 

حدث وتعليق

الخميس 12-9-2013

ناصر منذر

 

ربما تكون المبادرة الروسية قد كبحت جماح العدوان الأميركي على سورية, ونزعت فتيل الحرب في المنطقة, ولكنها في المقابل شكلت طوق نجاة للرئيس الأميركي باراك أوباما الذي أقحم نفسه في ورطة التهديد والوعيد,

ومن ثم تاه في البحث عن مخرج لائق يحفظ ما تبقى من ماء وجهه, وخاصة بعد أن أيقن هو وأتباعه بأنهم سيدفعون ثمناً باهظاً في حال تنفيذ تهديداته, بفعل صمود سورية واستعدادها الجدي للمواجهة, إضافة إلى إصرار حلفائها على الوقوف بجانبها ضد أي عدوان.‏

 

فمن الواضح أن أوباما كان مرتبكاً ومتردداً إزاء إمكانية تنفيذ تهديداته, بدليل التراجع الذي أبداه عندما أراد الحصول على موافقة الكونغرس لشن عدوانه وهو لا يحتاجها بالأصل, وقد تلقف المبادرة الروسية بسرعة البرق, ووصفها بالاختراق الإيجابي, وأنه يمكن التعامل معها بجدية, كذلك سارع حلفاؤه الأوروبيون للترحيب بها, وكأنهم تنفسوا الصعداء, باستثناء فرنسا التي تأخرت عن الركب قليلا بحكم عقليتها الاستعمارية, ولأن الرياح لم تجر كما تشتهي سفنها أرادت أن تظهر بموقع القوة المزيفة, وأعلنت أنها ستقدم مشروع اقتراح إلى مجلس الأمن تحت الفصل السابع بشأن الأسلحة الكيماوية في سورية.‏

 

في المقابل أيضا شكلت المبادرة الروسية صدمة كبيرة للمراهنين على تدمير سورية, والذين هللوا لتهديدات أوباما بشن العدوان, وحبسوا أنفاسهم وهم ينتظرون حصوله, وبينهم ممن يسمون أنفسهم «بمعارضة» الخارج وداعميهم في مشيخات النفط والغاز, حتى إن مجلس التعاون الخليجي لم يخجل برفضه للمبادرة لكونها تجنب سورية وشعبها العدوان, بل طالب بضرورة حصوله فوراً, ووضع أعضاؤه كل امكانياته تحت تصرف أوباما وادارته في سبيل ألا يتراجع عن شن عدوانه, ليثبتوا مجدداً أنهم أصحاب مصلحة حقيقية في إضعاف سورية وشل قدراتها لمصلحة الكيان الصهيوني.‏

 

قبول سورية بالمبادرة يؤكد أنها تتعامل بجدية مطلقة مع أي طرح يؤدي إلى ايجاد حل سلمي للأزمة, لأن مصلحتها الوطنية العليا تقتضي ذلك, ويبقى على إدارة أوباما الالتزام بما يترتب عليها لانجاح المبادرة, وأيضا أن تمارس الضغط على اسرائيل كي تتخلى عن ترسانتها النووية التي لا تهدد المنطقة وحدها وحسب وإنما العالم بأسره.‏