جائزة نوبل لمستقبل السلام ... !

 

إضاءات

الاثنين 12-10-2009م

خلف علي المفتاح

منحت الأكاديمية السويدية جائزة نوبل للسلام لهذا العام للرئيس الأمريكي باراك أوباما وقد استغرب أو تفاجأ الكثيرون في العالم منح الجائزة للرئيس أوباما بما فيهم الرئيس الأمريكي نفسه،

 

وربما كان مبعث الاستغراب هوأن الرئيس أوباما لم يحقق حتى الآن انجازاً عملياً على صعيد الواقع فيما يتعلق بالسلام العالمي ولا شك أنها ليست المرة الأولى التي يمنح فيها رئيس أمريكي جائزة نوبل بل منحت الجائزة قبله للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر لدوره في توقيع ما سمي معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية بين مصر والكيان الصهيوني.‏

 

وعلى أي حال لا يمكن تفسير منح الجائزة للرئيس أوباما إلا في إطارين اثنين، الإطار الأول هو الخطاب السياسي الذي تبناه الرئيس أوباما منذ تسلمه قيادة اكبر دولة في العالم وهو خطاب شكل إلى حد ما قطيعة شبه تامة مع الخطاب الذي تبنته الولايات المتحدة الأمريكية منذ الفترة التي أعقبت نهاية الحرب العالمية الثانية والقائم على القوة أو التهديد باستخدامها في التعاطي السياسي مع دول العالم أوهو ما تعزز بالفعل حيث شنت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر ستة حروب كبرى منذ ذلك التاريخ تجاوز عدد ضحاياها من قتلوا في الحرب العالمية الأولى وهي الحرب الكورية عام 1950وحتى عام 1953 وحرب فيتنام التي استمرت من عام 1964 حتى عام 1975 وحرب الخليج الأولى عام 1991 وصولاً إلى غزوها للعراق عام 2003 وقبله غزوها لأفغانستان من دون أن نشير إلى الحروب التي أوقدت فتيلها أو سعرت أوارها كما في الحرب العراقية الإيرانية والحروب التي شنتها في أمريكا اللاتينية أو أفريقيا وهي ما يزيد على ثلاثين حرباً .‏

 

وهذا يعني بالمحصلة أن الولايات المتحدة الأمريكية تصنف بطلة العالم في الحروب ولو كان ثمة جائزة لنوبل في الحروب لنالتها بامتياز، والإطار الثاني الذي يمكن وضع منح الجائزة في سياقه وهو الأرجح من وجهة نظري وهو دفع الرئيس الأمريكي إلى تبني خطاب سلام عالمي أكثر عملية والانتقال من خطاب النيات إلى السلوك العملي وترجمة توجهاته إلى قرارات جريئة تثبت مصداقيته وقدرته على الإمساك بناصية السياسة الأمريكية وتحديد سمتها وبوصلتها من خلال الانسحاب من العراق وأفغانستان ورفع الغطاء السياسي والعسكري والاقتصادي عن العدو الصهيوني ليستجيب لمتطلبات عملية السلام ويتوقف عن عدوانه الهمجي على الشعب الفلسطيني .‏

 

ولا شك أن الرئيس الأمريكي مطالب أيضاً ومن خلال موقعه وموقع وأهمية دور الولايات المتحدة الأمريكية على الصعيد الدولي بأن يفشي مفهوماً جديداً في الثقافة السياسية الأمريكية يتأسس على مقولات جديدة تكرس نهجاً أمريكياً مغايراً لما درجت عليه السياسة الأمريكية ويقوم على لغة الحوار بدل لغة القوة والمصالح المتبادلة بدل المصالح العليا للولايات المتحدة الامريكية واحترام الشرعية الدولية بدل استخدام الفيتو أو التلويح به في مجلس الأمن .‏

 

إن الرئيس أوباما قادر أن يستثمر منحه جائزة نوبل بجعلها رسالة سلام وغفران أمريكية للعالم تجعل الكثير من شعوبه ولاسيما تلك التي عانت من الحروب الأمريكية تنعم بالأمن والأمان بعد سنين من الظلم والقتل والآلام.‏