ايران والعراق والعدو المشترك

 

بقلم: عبد الله العتابي - 24-03-2012 | (صوت العراق) | نسخة سهلة الطبع

اثارت تصريحات الرئيس الايراني احمدي نجاد اثناء لقاءه المشترك بنائب الرئيس الخزاعي موجة من الاستغراب في الاوساط العراقية ,خصوصا عندما تحدث ان البلدين يتعرضان لعدو مشترك واحد , ولانعرف ماهي القاعدة السياسية التي استند عليها الرئيس الايراني في اطلاق تصريحه , فمن المعروف ان العراق الجديد يمتاز بتجربة سياسية مختلفة تماما عن التجربة الايرانية تعكس واقع تعددي وتوافقي بين مختلف الكتل والتيارات ولديه مجلس نواب فاعل ومعارضة سياسية مؤثرة وتعدد اعلامي كبير بعشرات الصحف والفضائيات ويمتاز العراق ايضا بانفتاحه على المجتمع الدولي وتربطه علاقات متطورة بالاتحاد الاوربي والولايات المتحدة وهنالك استثمارات نفطية كبيرة في جوالات التراخيص الثلاث التي اعلنتها الحكومة العراقية وابرمت على اساسها العشرات من العقود الستراتيجية المهمة ووفق ذلك العراق مختلف تماما عن الوضع السياسي الايراني الذي يمتازبنظام ثوري يعتمد على التعبئة العسكرية للمجتمع وعلى سلطة دينية متمثلة بالولي الفقيه تتربع على عرش السلطات وعلاقات خارجية مربكة وتحالفات معلنة مع حركات ثورية ممانعة مثل حزب الله وحماس والنظام السوري ,وعلى هذا الاساس ايران تقود تحالف كبير في المنطقة مبني على رؤية سياسية واضحة معادية للغرب , وتمتلك ايران برنامجا نوويا طموحا يهدف على تعزيز مكانتها الاقليمية والدولية , هذا البرنامج اثار حفيظة المجتمع الدولي وبدات سلسلة قرارات الحصار والمقاطعة وبالتالي هنالك تناقض شبه كامل في شكل النظام في البلدين ومنطلاقاته وبناه الايديلوجية وعلاقاته الخارجية وبناء على ذاك لايمكن ان يكون العراق متطابقا مع الجارة ايران على اي مستوى من المستويات , ولايمكن ان يكون للبلدين عدو مشترك , ثم من هو هذا العدو المشترك االذي اشار اليه الرئيس الايراني , هل هو الغرب الصهيوني كما تدعي طهران الذي يتبادل السفراء مع العراق ويدرب ضباطه ويطور جيشه ومنشآته النفطية , ام العدو المشترك هو دول الخليج وتركيا الذي ارتفع مستوى التبادل التجاري معها الى مستويات قياسيةام ان العدو المشترك هو شعوب المنطقة التي بدات ترفع اصواتها ضد التناقض الفاضح في السياسة الخارجية الايرانية التي تقف مع نظام الاسد في قمعه الوحشي لانتفاضة الحرية في سورية ,اعتقد ان تصريحات الرئيس نجاد تمثل محاولة مكشوفة لسحب العراق الى محور التشدد في الخندق الايراني والغاية منها جعل العراق يدفع فاتورة السياسة الخارجية الايرانية في معاداتها للغرب وامريكا وهي محاولة لاستنزاف الاقتصاد العراقي وجعله محورا ايرانيا للالتفاف على الحصار المفروض على طهران , والذي يتابع انخفاض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار بالرغم من الكميات الهائلة من الدولار التي يطرحها البنك المركزي العراقي لتعزيز قيمة الدينار , المتابع يجد ان هنالك سحب للعملات الصعبة من السوق العراقية لكل من طهران ودمشق وهنالك استهداف لرزق العراقيين ومحاولة توريط للشعب العراقي لجعله يدور في الخندق الايراني و حدبث الرئيس الايراني يعيد مرة اخرى خطاب طهران الذي غالبا مايتحدث عن علاقات ثنائية استراتيجية مع العراق وتلوم "دولاإقليمية لم تسميها" بمحاولة إثارة الإنقسام بين إيران والعراق ويستمر بعض القادة العراقيين والحكومة الإيرانيون بوضع اللوم على بلدان أخرى لا يتم تسميتها اثارة التوتر بين البلدين بينما تستمر إيران وكما هو معروف في إنتهاك الأرض العراقية، والاعتداء على الحقول النفطية المشتركة ومصادرة حق العراقيين فيها . وتستمر مياه البزل الايرانية في تدمير البيئة العراقية وتقطع طهران اكثر من 40 رافدا وجدولا كانت تصب منذ القدم في الاراضي العراقية , وتهيمن ايران على السوق العراقية وتصدر إليه منتجات ذات جودة متدنية ولاتنافس حتى في الاسواق الايرانية المحلية .

 

ولااعرف كيف يمكن للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد التحدث في محور اخر من مؤتمره الصحفي عن مساهمة العراق وايران في نشر الامن والسلام في المنطقة بينما إيران تستمر في تدخلها بالشأن الداخلي العراقي من خلال دعم الميليشيات ومن خلال تصريحات سفيرها المستفزة لمشاعر العراقيين ولااعرف لماذا تستغفل طهران عقول العراقيين بهذا التصريحات فلا بد للشعب العراقي ان يسال نفسه من هم الأعداء المشتركين الذي يعنيهم الرئيس احمدي نجاد؛ هل ان المجتمع الدولي والامم المتحدة هو المقصود بذلك , بعد ان كشفت اخيرا المنظمة الدولية عبر تقارير لمراقبيها ان ايران تدعم وبشكل كبير نظام الاسد في قمعه الوحشي للشعب السوري . اعتقد ان العراق امام تحدي كبير ، يجب ان يبتعد على السياسة الايرانية التي تحاول ان تسوق هذه التصريحات التي عادة ماتتم بحضور رسمي عراقي على ان العراق قابع تحت السيطرة الايرانية ويقف مع طهران في خندق واحد , وذلك يسيء لسمعة بلدنا ,الامر الذي يحتم على العراق ان تنفتح على الدول التي تحمل اجندات ايجابية وتريد ان تستثمر في الاقتصاد العراقي الواعد وان تكون حذرة جدا من محاولات إيران للسيطرة على المنطقة على حساب العراق باستمرار محاولاتها الوقحة لسحبه تحت تأثيرها.

 

وكان الاولى على نائب الرئيس خضير الخزاعي المتهم بتبعيته لطهران ، ان يبعد التهمة عن نفسه و ان يرد على هذه التصريحات ولو بشكل دبلوماسي خصوصا انها اطلقت في مؤتمر صحفي مشترك وان ينآى بالعراق عن المحور الايراني وان يؤكد ان العراق الجديد يتمتع بعلاقات متطورة مع محيطه الاقليمي . ومع المجتمع الدولي وليس لديه اي اعداء , فضلا عن وجود عدو مشترك مع الجارة ايران