قراءة سياسي
بقلم: عمران العبيدي - 01-12-2011 | (صوت العراق) | نسخة سهلة الطبع
من الخطورة ان تتعامل مع قضايا مهمة وحساسة بعيدا عن الواقع وما تفرضه عليك مستلزمات العمل السياسي وانت في المراحل الاولى من مراحل تأسيس الدولة على انقاض الدكتاتورية والتي تتطلب شيئا من المرونة، وبما يتلائم وحاجاتك الحقيقية لا أكثر، وان لاتغلب صفة المبالغة التي يمكن ان تفوت عليك الفرصة في استكمال مستلزمات عملك في البناء.
يكاد يسيطر موضوع الانسحاب الامريكي ويتغلب على جميع الملفات السياسية الاخرى، والتي بدت لاتشكل شيئا ازاء ذلك الملف كونه (اي الملف) يمثل نقطة تحول بالغة الاهمية في مسار العمل السياسي والامني التي انطلقت بعد التاسع من نيسان 2003 وتشكل بالون اختبار لقدرة الكابينة السياسية على التعامل مع الوضع الجديد ومعالجة الازمات التي قد تحدث.
لوحظ ومن خلال متابعة بسيطة لمجمل ماطرح حول الموضوع ان هنالك خطين رئيسيين متناقضين في واقعهما، اولهما ان هنالك اصرارا عاليا على عدم الابقاء على اي تواجد امريكي على الاراضي العراقية مقابل واقع يشير الى ان هنالك حاجة الى اسناد امريكي لكي يستطيع العراق تجاوز هذه المرحلة، وان الخروج الكلي سيشكل فراغا لابد منه،وبين الموقفين بون شاسع يشير الى ان العمل السياسي خرج من صيغة التقييم الفني بما يتلائم مايمتلكه العراق من امكانات دفاعية الى عمل سياسي فيه بعض المبالغة في التفاؤل.
ليس المقصود هنا تكريس وتبرير بقاء البعض من الامريكان ولا الاستهانة بقدرة العراقيين، بل القصد ان العمل السياسي في ادارة هذا الملف طغى على العمل الفني في بعض جوانبه، مما اضفى صيغة العناد السياسي والاصرار على الرحيل الكامل على الرغم من بعض القناعات لحاجة البقاء، وان كانت تلك الحاجة لا ترتقي الى اعداد كبيرة حتى عند الذين يرغبون بالرحيل الكامل، وهذا يمكن تأشيره من خلال جدل سياسي واسع بهذا الاتجاه.
الادارة السياسية لهذا الملف جعلت القائمين عليه ينظرون الى ردود افعال خصومهم السياسيين وكذلك لنظرة بعض دول الجوار اكثر من نظرتهم الواقعية للموضوع مما ولد مواقف تبدو مخالفة للواقع.
ان القراءة السياسية للموضوع هي السائدة مما جعلها تقفز بعيدا في قراءتها للاستعدادات العسكرية وبدا على المواقف شيء من العناد التي يراد من خلالها ابعاد تهمة الاحتلال عن الدولة العراقية برغم ان منطق العقل لايصدق ان دولة مايمكن احتلالها من قبل بضعة الاف من الجنود كان وجودهم برضى وتوافق الدولتين ،ولو كان الامر كذلك لكانت اغلب دول الخليج والعالم هي الان في وضع الاحتلال وبالتالي فأن الملف اخذ مداه السياسي اكثر من مداه الفني.
نافذة الاسبوع / زاوية اسبوعية
يكتبها / عمران العبيدي
الاتحا