لا انتصار بدون عدو

 

نشوان الجريسي  الأربعاء، 16 أيار، 2012 الساعة

احتفل الروس قبل ايام واقاموا استعراضا عسكريا مهيبا,بذكرى يوم الانتصار على النازية دفاعا عن بلادهم,يعكس ذاك الاستعراض قوة الدولة وهيبتها ليكون رادعا لكل من تسول له نفسه المساس بامن الوطن الروسي,وباعتبار القوة العسكرية المتطورة احد مظاهر الامم المتحضرة والدول القوية.

 

ان الامم المتحضرة والقوية كانت دائما عبر التأريخ امة عسكرية لا مدنية,لان طبيعة تفك...يرها هجومي وليس دفاعيا,فال...دولة الرومانية دولة عسكرية,والدولة الفارسية دولة عسكرية,والدولة الفرنسية والبريطانية والامريكية هي دول عسكرية تعكس الروح الهجومية لفكرها, بغض النظر عن ايجابية الروح الهجومية او سلبيتها,حتى اسرائيل هذا الكيان المسخ هي دولة عسكرية,فالامم الحية والدول القوية تتعسكر ونحن نتدمن,وتهجم ونحن ندافع,وصارت دول الخليج هي المثال الامثل لشعوبنا, وهي دول مدنية من الطراز الاول يصل الى حد الذل والهوان,وما شراء الاسلحة وبناء الجيوش الا حالة شكلية ومسرحية هزلية.

 

والامة الاسلامية منذ ان بناها الرسول عليه الصلاة والسلام هي امة عسكرية ذات طابع هجومي ايجابي قال عليه الصلاة والسلام (نصرت بالرعب من مسيرة شهر) الى ان انحطت الامة الاسلامية واكل عليها الدهر, وتصارع عليها الاعداء,وكان هم اعدائها الاول ان ينزعوا عنها الروح الهجومية الايجابية,اي ينزعوا الحافز الذي يحركها ويثيرها,باعتبارها صاحبة رسالة انسانية,فتحول فكر الامة من هجومي ايجابي الى دفاعي سلبي,نتحصن من الشر ولا نهجم عليه,في بيوتنا وشوارعنا ومساجدنا ودولنا بل حتى في انفسنا,الى ان اخترق الشر جدار ضميرنا ووجداننا فحطمه بل اماته.كما نزعوا حافز الشعب الالماني (الفكر النازي) والشعب الياباني (فكرة نسل الالهة),وحولوها الى دول مدنية خضوعا لشروط المنتصر.

 

ان البوصلة السياسية للدول هي التي تحدد اعداءها,اما عدوا ايديولوجيا,كعداء دول الغرب للاسلام والشيوعية,واما استراتيجيا كعداء روسيا لاوربا اليوم بعد ان تخلت روسيا عن الشيوعية,واما عدوا تقليديا كعداء باكستان والهند,واما عدوا وهميا لا يتمثل بشعب ولا بدولة,كالعدو الذي صنعته امريكا, فزاعة للدول وخدمة لمصالها وهو (الارهاب).

 

ان الدول تخوض صراعها مع اعدائها,اما صراع سيادة وهيمنة على العالم,واما صراع نفوذ وسيطرة على المصالح,واما صراع وجود.

 

اما نحن بحكم تعطل البوصلة السياسية,وخلل مركز التنبه,فلحد لم نحدد اعداءنا بل نسير وراء وهم العدو,لاننا لا نخوض صراع سيادة,ولا نفوذ,ولا وجود,بل نخوض صراعا مع الذات,مع ذاتنا الشخصية,العربي ضد الكردي,والسني ضد الشيعي,والسوري ضد الاردني,والجزائري ضد المغربي الخ.

 

فبحكم وجود الخير والشر,وتفاوت العقل الانساني......

لا وجود لامة بلا عدو.!

وامة بلا عدو امة بلا وعي.!

وامة بلا وعي امة خارج الحياة.!

وخارج التأريخ.