دور الولايات المتحدة في اعادة التوازن للمعادلة العراقية المختلة
كتابات - حامد شهاب
من اولى المسلمات التي ينبغي على الولايات المتحدة وضعها في الحسبان ان انهيار العراق سيجر الى مزيد من الانهيارات في دول المنطقة ، وربما تحدث مفاجئات غير سارة ، تضع الولايات المتحدة على اعتاب مرحلة من التفكك والانهيار ، بحيث يتعذر عليها تدارك ازمات مستفحلة ، وعندها لن تنفع كل وسائل القوة والردع في ايقاف التداعيات المحتملة اذا بقيت سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع الملف العراقي الشائك على هذه الدرجة من اللامبالاة والأهمال ، والتعامل عن بعد بعدما كانت هي التي ادخلت نفسها في هذا النفق المظلم واليوم تريد ان تخرج منه ، لكنها تواجه حيرة ربما لم تألفها منذ سنوات عدة.
واذا كانت الولايات المتحدة راغبة في ان ينهار العراق ويتداعى ، فهذا شأن آخر ، اما اذا ارادات ان تضع حدا لهذا الانهيار فأن مايجري من تصارع محتدم يصل حد كسر العظم بين الاطراف والكتل السياسية المشتركة في لعبة الاصطراع الرهيب على السلطة فهذا ما يجعل المنطقة برمتها امام احتمالات انهيارات سريعة ، لايمكن التنبؤ بعواقبها وقد تفوق مخاطر أي زلزال مدمر ولكنه بحجم كبير وبسرعات خيالية.
فالعراق بلد يمثل مثلث الاستقرار في العالم والمنطقة وهو الوحيد الذي بأمكانه ان يكون جسرا للاستقرار واحلال السلام في العالم ان احسن التعامل مع ملفه بطريقة ذكية ، رغم ان الغباء والعناد والعنجهية الفارغة احيانا للأسف هي الصفات الملازمة للسياسة الاميركية منذ أمد ليس بالقصير ، ويعترف المسؤون الاميركيون بهذه الحالة السلوكية ، لكنهم لايريدون الاقرار بها كمسلمات نهائية وهم يعتمدون في الاغلب على معطيات ومؤشرات بحثية وتحليلات قادة عسكريين ما زالوا حتى هذه اللحظة يجهلون الكثير ممما خفي من أمر العراق والعراقيين وهم اصحاب التاريخ الضارب في اعماق الماضي ، ولديهم طرق ووسائل واساليب بامكانها ان تضع الولايات المتحدة في الموقف غير السار دوليا ان بقيت الولايات المتحدة تعامل مع الملف العراقي بطريقة تكاد تخلو من واقعية ان لم تكن بأهمال متعمد احيانا بقصد ترويض المنطقة من ان ما تعرض له العراق سيسير بهذه الدول على نفس المنوال ولهذا عليهم ان يذعنوا للأمر الواقع ويعترفوا بأسرائيل وبقدرة الولايات المتحدة على تغيير معالم خارطة العالم على هواهم ، وهو مؤشر خطير وينذر بعواقب لايمكن ان تكون الا كارثية مدمرة، لايعلم عواقبها الا الله .
وتخطأ الولايات المتحدة حين تظن ان التدخل عن بعد يمكن ان يجنبها المفاجئات وردود الفعل التي لاترغب بها من اطراف حليفة لها او تتقاسم معها النفوذ ، فلا يمكن الاعتماد على مايجري من سيناريوهات حالية من مباديء تقاسم السلطة او تغليب تيار على آخر ، او السكوت على عناد كتل او تلك ، والعراقيون يتجرعون مرارة ما حل ببلدهم من دمار والام وتشتت وفوضى ، اوصلتها اليهم سياسات الولايات المتحدة نفسها وتخبطها في ازمات متعاقبة تدخل من نفق واذا بآخر تندلع نيرانه ، وما يجري من صراعات ، وحالات تناحر بين الكتل السياسية ، وغياب الدور الاميركي وترك التدخلات الاقليمية تعبث بمقدرات العراق على هواها هو الذي يعطي مؤشرات قوية على ان ما يحدث من مفاجئات مرتقبة لايمكن ان يكون بمقدور الولايات المتحدة ان تضع حدا لانهياراتها اذا ما تداعى السد العراقي ، وحصل مالا يحمد عقباه بالنسبة للولايات المتحدة ، اما للعراقيين فقد يكون بالنسبة لهم بادرة خير ان تم اجراء تغييرات كبيرة ، لصالح اعادة التوازن للحالة العراقية المختلة التي ينبغي ان يعاد تصحيحها ان أريد للعراق الامن والاستقرار وان يعود كما كان له الدور الايجابي المؤثر في استقرار المنطقة والعالم بأسره.