أوباما ..عصفور سلام !!
كتابات - عبدالرزاق الربيعي
خبر فوز الرئيس الأمريكي باراك أوباما بجائزة نوبل لعام 2009 أعاد ذاكرتي الى أواسط سبعينيات القرن الماضي بعد حرب أكتوبر عام 1973 عندما جرت مفاوضات سلمية كان بطلاها الرئيس المصري السابق أنور السادات ووزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر وعندما كان الأخير في زيارة للقاهرة أقيمت على شرفه حفلة ساهرة كانت نجمتها الراقصة الشهيرة , أنذاك , سهير زكي فتساءل الشاعر فلاح عسكر بما معناه :إ"ذا كان السادات بطل السلام وكيسنجر نبي السلام فهل أن سهير زكي حمامة السلام ؟"
ولأن سهير زكي إعتزلت الرقص منذ سنوات بعيدة لذا ظل لقب "حمامة السلام " الذي أسبغه ذلك الشاعر الذي مات مقتولا مقطوع اللسان ,شاغرا حتى جاء أوباما ليملأ فراغ أفق العالم الملبد بغيوم الحروب وليستحق لقب "عصفور السلام" عندما منحته الأكاديمية السويدية الموقرة بسرعة صاروخية -بعد تسعة أشهر من توليه رئاسة أمريكا فقط - أرفع جائزة في العالم للسلام في زمن إختلط به الحابل بالنابل !!
ويبدو أن الأكاديمية السويدية صارت تقرأ النوايا إنطلاقا من أن "الأعمال بالنيات" ومادام أوباما قد جاء بمشروع من شأنه أن يهديء من ثور أمريكا الهائج لذا سارعت الى مغازلته ! ليس لأنه عمل كذا وكذا بل إنه "نوى" بل أوقد "شمعة الأمل " حسب وصف محمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية
وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!
ومثلما حاربت أمريكا العراق "ظنا " منها إنه يمتلك أسلحة دمار شامل , هاهي أمريكا تصبح حمامة سلام لأنها "تنوي " أن تنشر السلام في الأرض !!
وأوباما منحنا هذه الفسحة من الأمل فإستحق نوبل للسلام
وبين "ظنونها " السيئة بالآخرين
و"نوايا " ها الحسنة
تحكم الولايات المتحدة الأمريكية العالم !!
حقيقة , لست متحاملا على أوباما
بل أنا معجب بمشروعه رغم أن هذا المشروع للآن هو طي الغيب ووسائل الإعلام وتصريحات الإدارة الأمريكية التي لا تزال جيوشها المجيشة تعيث فسادا في أرض العراق وإفغانستان وأماكن أخرى من العالم دقت في ظهرها ا "مسامير جحا " من خلال إنشاء قواعدها الحربية التي لاتزال تسرح وتمرح , لكنني أرى أن الأكاديمية السويدية لم تنتظر حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود , لتعطيه الجائزة ولينلها بجدارة خصوصا أنه لم يعتذر بعد ,مثلا , عن جرائم أمريكا منذ القاء القنبلة الذرية سيئة الصيت على هيروشيما عام 1945 وقتل الألاف من المدنيين الى جرائم أمريكا في العراق وافغانستان ؟
ولو تركنا الإعتذارات جانبا فهذه تحتاج الى أبعاد إنسانية وأخلاقية هل إنتقد سياسة العنف التي تنتهجها أمريكا في العالم منذ هيمنة القطب الواحد على رقبة الكون بعد إنهيار المعسكر الإشتراكي؟ ألم يصرح مؤخرا أن يدرس حاليا زيادة عديد القوات الأمريكية في إفغانستان ؟
إنني أتفق تماما مع هاينيمان جرودر الباحث في مركز بون للشئون الدولية والخبير الألماني في شئون السلام عندما قال "إن الرئيس الأمريكي لم ينجح خلال الفترة القصيرة التي مضت من رئاسته أمريكا حتى الآن سوى في تحقيق تحسن في الأجواء الدولية ولم يظهر حتى الآن نجاحا يذكر في النزاع بشأن البرنامج النووي الإيراني أو الكوري الشمالي أو أفغانستان أو الشرق الأوسط وكذلك فيما يتعلق بالعلاقات مع روسيا"
لكن في النهاية تبقى الأمم الغالبة تتحكم بمصير الأمم المغلوبة !! ونبقى نحن العرب والمسلمين مهما عملنا من خير لسنا سوى "إرهابيين " وقتلة !!وهم مهما فعلوا ليسوا سوى حمائم وعصافير سلام !!!
razaq61@yahoo.com