هل يستطيع العراقيون بناء وطنهم ؟

 

كتابات - خضير طاهر

 

هذا هو السؤال الأهم في الوقت الحاضر والمستقبل بعد الخسائر الفادحة  و الخراب الذي رافق تاريخ العراق المعاصر ، أصبح لابد للعقل العراقي ان يواجه نفسه بهذا السؤال المصيري ، ومواجهة ذاته من دون تبريرات وشعارات والتهرب من المسؤولية الذاتية وإلقائها على الظروف الخارجية .

 

لقد أعتمدت أدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش عند اقدامها على عملية تحرير العراق من قمع نظام صدام حسين الاجرامي .. اعتمدت على حسابات  عقلانية منطقية صحيحة وأعتقدت ان الشعب العراقي الذي يعاني من الظلم والقمع والحروب والقتل وتبديد ثرواته ... ان شعبا بهذا الوضع المأساوي وفق الحسابات المنطقية العقلانية العلمية الصحيحة سيرحب بهذا التحرير ويستغل هذه الفرصة لترميم جراحه والشروع في بناء نفسه سياسيا واقتصاديا وعلميا .

 

ولكن مالم يكن يتصوره حتى أعظم العقول الاستراتيجية ، ان  المجتمع العراقي لايصح فيه ألا الخطأ وليس الصحيح ،  واننا كشعب  نستطيع ان نهزم المنطق والعقل بتخلفنا وأصرارنا على الدفاع عن هذا التخلف بشعارات دينية واخلاقية ووطنية تستدعي وتحشد كافة مفردات الشرف والكرامة !

 

لقد تعرى العقل العراقي امام نفسه لأول مرة بعد عملية تحرير العراق من قبل الجيش الأمريكي الباسل ، فلأول مرة يجد الشعب العراقي نفسه  مسؤولا عن مصيره بعد   ان كانت السلطة هي من يفكر ويقرر بالنيابة عنه وهو يطيع وينفذ بلا نقاش ، واصبح الأن أمام أصعب تحدي يمر به ، ومن المؤسف انه سقط في هذا التحدي وفشل فشلا كارثياً ، بل أضاف العقل العراقي مشكلة جديدة الى مأساته وهي مشكلة المحاصصة السياسية الطائفية والقومية .

 

وأننا كشعب عراقي مفجوع بنفسه لابد ان نواجه العديد من الاسئلة بصراحة كالسؤال :

 

- لماذا فشلت التجربة الحزبية في العراق منذ بداية الدولة الحديثة عام 1921 ولغاية اليوم ؟

 

- لماذا لم يفرز المجتمع العراقي النخب السياسية الوطنية الشريفة القادرة على قيادة وطنها ؟

 

- لماذا هذا الغياب للروح الوطنية العراقية ، وانعدام التفكير بمصالح العراق أولا من قبل الساسة والشعب وطغيان الانتماءات الطائفية والعرقية والعشائرية والحزبية والمناطقية ؟

 

- لماذا هذا الفشل الدائم في النشاطات المؤسساتية الجماعية ؟

 

- لماذا هذه النظرة العدوانية لدى العراقيين للحضارة الغربية ومنجزاتها العلمية ، ورفض الانفتاح والاستفادة من تجارب وخبرات أوربا وامريكا ؟

 

ستكون غلطة قاتلة لو أوهمنا انفسنا ان الاحزاب والساسة الحاليين لديهم مشروع وطني شريف  لترميم جراح العراق وبناءه ، فهذه الطبقة السياسية أدخلت مصيبة ومأساة جديدة الى العراق تمثلت في جريمة المحاصصة السياسية ، وسددت ضربة مميتة الى بقايا الوحدة الوطنية الموجودة لدى العراقيين ، وهي مشغولة فقط بأطماعها الشخصية والحزبية والطائفية والقومية .

 

وامام هذه الفجيعة بأنفسنا لامفر من مواجهة الذات وتكرار الأسئلة عليها لماذا ... ولماذا ... ولماذا ...لعلنا نحصل على الأجابات المطلوبة ونجد الحلول المناسبة ، ولكن هذا هل ممكناً وشعار العراقي الدائم هو ( شعلينه ، ومشي يمعود ، وهي تصفه وحدها ، وعيشني اليوم وموتني باجر ...) الى أخر قائمة المفاهيم الخطيرة المدمرة التي تتحكم بالعقل العراقي ؟!

 

kodhayer1961@yahoo.com