اوباما هناك .. ينفذ اوامر الرب .... محمود ابراهيم الحويان

 

2009-12-06 

 

عيش العالم منذ فترة تزيد عن عقدين من الزمن ، لعنة كبيرة تسمى امريكا ، هذه الدولة التي لا تريد ان تطهّر ايديها من الآثام ، بعد ان اقسم صنّاع القرار فيها ، على اغراق الشعوب في الدماء واعادة الامم الى الوراء ، وعلى مراحل.

 

تراهم بكامل اناقتهم ، ولا ينافسهم في البروتوكولات احد ، وقد امتلأت قاعاتهم بالاعلام الامريكية المزيّنة بالنجوم ، وهم يستعدون لا لمساعدة العالم ، او مد يد العون له ، بل لحصد مزيد من الارواح ، وتدمير دول ، والدوس على شعوبها بالحذاء.

 

شاهد العالم تلك الاستراتيجية البلهاء ، والعبقرية التي وُظـّفت من اجل الدمار ، بارسال المزيد من القوات الى افغانستان ، بعد ان أمرت واشنطن ، العديد من الدول ، ان تحذو حذوها ، ومن يجرؤ ان يقول لا؟ للعم سام.

 

أي سموم تنفثها الولايات المتحدة؟ واي دماء واي تقتيل؟ وقد فشلت فشلا ذريعا ، بان تكسب صديقا واحدا لها على الارض ، على اقل تعديل ، بل انها بذلك ، تستعدي شعبها الذي ملّ من المظاهرات امام بيتها ، الذي زيّن بالاحمر ، فهو يستعد للاحتفال بعد ايام ، برأس السنة الجديدة ، وفي نفس الوقت ، بتقديم الضحايا قربانا للشيطان.

 

فلم تمض اسابيع ، على استلامه جائزة نوبل للسلام ، حتى انبرى صاحب الابتسامة ، التي تخفي وراءها انيابا حادة ، وقد شحذ سكينه ، ولبس بزته العسكرية ، يستعدي طالبان والقاعدة على حد تبريره ، لكن الهدف الخفي ، ليس هو الهدف المعلن.

 

يوم الثلاثاء الماضي ، وقد وقف العالم ، ينتظر ان يرى الخطة الامريكية الجديدة ، في افغانستان ، حتى ظهر علينا الرئيس اوباما ، وخلفه نصبت اعلام بلاده ، وكأنه سيغزو الكرة الارضية برمتها ، غير مدرك أن الكثير من تلك الاعلام ، ستلتف بها نعوش جنوده هناك.

 

( بصفتي القائد الاعلى للجيوش الامريكية ، فقد قررنا ارسال ثلاثين ألفَ جندي اضافي الى افغانستان ) ؟ لكن السؤال الذي يعرف اجابته العالم ، ان السيد اوباما ينفذ خطة تدمير ، لبلد سلاحه الفتاك هو الكلاشنكوف والار بي جي ، ومقاتلوه حفاة شبه عراة ، فاي معادلة واي تكافؤ؟.

 

اذن ، هي مرحلة جديدة من تراجيديا لا تريد لها الادارة الامريكية ان تنتهي ، ولم تنته؟ فلا بأس بالقتل ، ألم يعد القتل صفة البيت الابيض منذ زمن؟ فالرجل رغم التصفيق الحاد له من العرب ، وارسال برقيات تهنئه (بنوبل للسلام) ، الا ان عينيه لا ترى الا افغانستان ، فالغرابة ان جملا كبيرا بحجم امريكا ، يستعد لقتال قط صغير ، لا يقوى حتى على المواء.

 

ادارته تشجّعه وتحفزه ، وجنرالات جيشه وهم كثر ، يقولون له ، استل سيفك وابدأ المعركة ، لان الافغانيين يهددون أمن الولايات المتحدة ، ويمضون الليالي وهم في غرف مغلقة ، وببزاتهم العسكرية ، يستعدون لتحقيق النصر المبين على الافغان الضعفاء.

 

أية عقول وأية امبراطورية للشر بُلي بها العالم ؟ والمصيبة الاكبر ، ان بقية الدول البلهاء ، تمشي على خطى( السيد) ، وهل للعبد رأي فيما يقوله سيده ؟ ، نعم انه التسارع في حصد الكثير من الارواح هناك ، انه المزيد من الخطايا ، التي حذر منها المسيح عليه السلام ، لا تقتل ، لا تقتل ، لا تقتل.

 

لكن اوباما ، ومن يدفعه في ظهره ، يقول له: إنها حربُ الرب ، الذي اختارك من بين اهل الارض ، لكي تكون الحاكم ، الذي لا يستطيع احد ان يخرج عن عصمته ، لذا عليك بهم ، ولا تبقي منهم احدا ، واعمل السلاح الفتاك في صدور نسائهم ، واطلق الرصاص على رؤوس اطفالهم ، ولا باس بأن تقتل الحوامل ، فهذا امر الرب لك.

 

الم يقلها بوش عندما حارب العراق ودمّره؟ الم تظهر صورته على مجلة التايم الامريكية ، وحوله الشموع المضاءه ، يصلي ، وما ان انتهى حتى قال ، (ان الرب قد امرني بذلك)؟

 

ان الرب الذي تؤمن به كل الاديان السماوية ، وجاء برسالاته كل الانبياء ، يدعو الى السلام ، ويرفض بل انه يجرّم القتل ، اليس كذلك؟ ولم يعرف التاريخ الانساني ، ان دينا دعى الى القتل والتدمير ، لكن تعاليم المتطرفين في البيت الابيض ، هي التي حرّفت اوامر الرب ، فاصبح الشيطان ربّهم ، يتلقـّون منه التعليمات.

 

اعود لتلك القاعة ، التي امتلأت عن بكرة ابيها بالرتب العسكرية ، وتنتقل الكاميرا بينهم ، لنلاحظ ان الكثير منهم ، قد طأطأ رأسه ، وذهب في تفكير عميق ، لانهم يدركون انهم سيودّعون عائلاتهم واطفالهم ، في غمرة الاعياد المجيدة ، ليذهبوا للقتال فمن يا ترى سيعود على قدميه ، ومن سيكون مصيره ، ملفوفا بعلم بلاده؟.

 

ما هو حال زوجاتهم واطفالهم؟ وهم يعلمون ان بلادهم ، تقودهم الى معركة خاسرة ، تريد ان تحقق فيها نصرا باهتا ، لم يتحقق رغم سنوات طويلة ، من الاستعراض على الضعيف .

 

واستغرب هذا الصمت الاعلامي الامريكي ، حيال هذه القرارات ، التي تمعن في حل المشاكل مهما كانت على الارض بالسلاح ، واي سلاح ، انه اخر ما صنعته المصانع الامريكية ، (فالفئران الافغانية) جاهزة لاجراء التجارب عليها.

 

في نفس اليوم الاربعاء 2 ـ 12 ، ظهرت صورة لطفلة عراقية ، تحملها امها على حضنها ، وقد ولدت مشوّهة في نصف وجهها ، وبلا عين ، نتيجة استعمال الاسلحة الامريكية في العراق ، وقلت في نفسي: كم اتمنى ان ارسل تلك الصورة على شكل بطاقة معايدة للرئيس اوباما ، بمناسبة (الكريسمس والنيو يير).

 

لًمَ لا ؟ اليست القيم الامريكية قد انقلبت رأسا على عقب ؟ فالامريكيون لا يملـّون من اجترار قيمهم ، والتغني بها ، حتى ان دولارهم ، يحمل جملة لم يعودوا يعملوا بها وهي تقول( نحن نثق بالرب) ؟ وهل القيم ان تمعن في التقتيل وتتفنن بتدمير الشعوب.

 

أيّهذا الساكن الجديد في الابيض ، انني ادعوك لزيارة شخص مريض ، لم يرغب الرب بأخذ روحه حتى الان ، رغم انه في عداد الموتى منذ سنين ، في احد مستشفيات تل ابيب ، يدعى (ارئيل شارون) ، لعلك تعتبر ، وتقول كفي قتلا واهراقا للدماء؟.

 

في عام 1912 قال الرئيس الثاني في القرن العشرين للولايات المتحدة الامريكية (تافت) وبالحرف الواحد:(يجب ان نحمي شعبنا واملاكه في المكسيك ، الى ان تفهم حكومة المكسيك ، بأن هناك الها (ربّا) في اسرائيل ، وان الواجب يحتـّم طاعته).

 

وبعد حوالي مئة عام ، يتكرر نفس التفكير ، ويتم تمرير نفس المخطط ، وعلى ايدي (البوشيين) واوباما ، عندما ارادوا تنفيذ تعليمات (رب اسرائيل) ، بالتوجه الى الشرق البعيد ، فاحرقوا العراق ودمروه ، ورغم انهم لا زالوا في مستنقعه حتى الان ، الا انهم فتحوا جرحا جديدا في افغانستان.

 

سؤال يا سيادة الرئيس اوباما ، وانت كما تقول الجائزة: صانع السلام ، وحامل صولجان نوبل ، ما هو شعورك لو كنت من بين هؤلاء الجنود ، وقد ظهر الخوف والموت من الان على وجوههم ، وقد امرك رئيسك بالقتال ، بينما اعدّت اسرتك (الديك الرومي )من الان استقبالا للاعياد لتحتفل معها؟.

 

عالم ينعق فيه الاقوياء بالخراب والحروب والدماء ، ويئنّ فيه الضعفاء من الألم

 

والجوع ، وخوف من المستقبل المجهول ، عالم مليء بالقيم ، لكنها قيم اسقاط القنابل على الاجساد العارية ، والدوس بالدبابات على رؤوس الرجال ، الذين لا حول لهم ولا قوة.

 

ترى سيادة الرئيس ، هل لا زلت تضع شهادة نوبل ، على الحائط في مكتبك؟ ام انها تزيّن غرفة نومك؟ بالمناسبة هل تتذكر اطفال العراق وفلسطين وافغانستان؟ حين تأخذ اطفالك الى الفراش ، وتقول لهم تصبحون على خير.

 

أية امبراطورية للشر ، ابتلي بها العالم ، واي استقواء على الضعفاء يمارسه قادتها واي مستقبل للاجيال في هذا العالم ننتظر؟.

 

HOYANM@YAHOO.COM