ساحرة الأميركيين ... ساطع نور الدين

2008-09-06  6:26:01 PM

 

هي فاتنة الانتخابات الأميركية وفتنتها الجديدة: لا تزال السيدة سارة بالين تحتفظ بالكثير من معالم الإثارة التي كانت تتمتع بها في العشرينيات من عمرها، وبالكثير من مهارات الخطابة التي اكتسبتها منذ أن جرت برمجتها للانتقال من مسابقات الجمال والرياضة الى شؤون السياسة والنفط في تلك الولاية البعيدة الواقعة على طرف العالم. وصولا الى البيت الابيض.

ليست السيدة بالين البالغة من العمر ٤٤ عاما والمرشحة لتولي رئاسة أميركا اذا ما حصل مكروه للمرشح الجمهوري الطاعن في السن جون ماكين (٧٢ عاما) يمنعه من أداء مهامه، سوى صورة نموذجية عن الطريقة الغريبة التي تنتج بها النخبة السياسية الاميركية، الجمهورية بالتحديد، بعض رموزها الجديدة وتؤهلها للارتقاء الى السلطة وتشكيل سلالات حاكمة تصنع قرارات الدولة العظمى الوحيدة في العالم.

في الحزب الديموقراطي تحوّلت عملية إطلاق قيادات من خارج المؤسسة التقليدية الى ظاهرة عامة تكررت في مختلف المعارك الانتخابية الرئاسية والتشريعية والتنفيذية، وبلغت ذروتها حاليا مع المرشح الديموقراطي الاسود باراك أوباما الذي لا يعرف الكثيرون من الاميركيين حتى اليوم أصله وفصله ودينه وما اذا كان يشرب البيرة ام لا، على ما ورد في حوار صحافي أجري معه الأسبوع الماضي بالذات.

لكن فيلة الحزب الجمهوري وشخصياته القيادية كانت على الدوام أشد حرصا على تجنب صدم الرأي العام الأميركي وأشد تحفظا في اختيار أسماء من خارج النادي السياسي المغلق، الذي كان الانتماء اليه يحتاج الى سنوات طويلة وأحيانا الى عقود من العمل العام قبل الوصول الى المراتب الاولى.. وهي مهلة جرى تخطيها عند اختيار السيدة بالين التي قفزت بسرعة خيالية الى الصف الاول، بل ربما الى القرار الاول.

لا يمكن أن يكون الشبان الجمهوريون في ولاية ألاسكا الذين صاحبوا بالين في شبابها وصحبوها على طريق التطرف اليميني هم الذين صنعوا منها نجمة، حسبما قال معلقون على ظهورها الاول على المستوى الوطني في مؤتمر الحزب هذا الاسبوع، حيث أظهرت مواهبها الخطابية، التي يقدرها الاميركيون عامة ويعتبرونها ميزة سياسية.. كما لا يمكن التسليم بأن تجربتها كرئيسة بلدية قرية صغيرة في ألاسكا ثم كحاكمة منذ أقل من عامين لتلك الولاية التي لا يزيد عدد سكانها على نصف مليون نسمة هي التي أهّلتها لبلوغ هذا الترشيح الرفيع.

كان يمكن لفضيحة ابنتها بريستول (١٧ عاما) التي تبين انها حامل من صديقها الذي يكبرها بعامين فقط أن تدمر فرصتها السياسية، لولا ان أوباما سارع الى القول ان أحوال عائلة بالين هي شأن خاص لا يجوز إقحامه في المعركة الانتخابية ومنع حملته من التشهير بالمرشحة الجمهورية.. مخافة أن يتعرض للرد بالمثل، فيكتشف الجمهور الاميركي ان أوضاعه العائلية يمكن ان تنهي حياته السياسية.

التسامح الديموقراطي والتباهي الجمهوري يمكن ان يجعلا من بالين أسطورة.. مع انها مجرد محاربة، سيذهب ابنها الى العراق خلال أسابيع ليحتفل بالنصر الوشيك، بينما ستبقى هي في واشنطن لتشرف على مد أنابيب النفط والغاز من ألاسكا الى بقية الولايات الاميركية