هل يتحقق وعد أعداء بلفور؟

 

2010.06.19 عبد الناصر

 

كثيرون في العالم لم يفهموا لماذا ابتهج الجزائريون بالأداء البطولي لمنتخب الجزائر أمام أنجلترا، ولن يفهموا لماذا سيبتهجون أكثر لو يحقق الفوز أمام منتخب الولايات المتحدة الأمريكية ويحقق التأهل الرياضي على حساب الدولتين الأعظم حاليا في العالم...

 

ولكنهم بمجرد أن يشاهدوا علم فلسطين يرفرف في جنوب إفريقيا وفي مختلف المباريات التي تلعب فيها الجزائر حتى يعلموا بأن إقصاء الدولتين الأكثر دعما تاريخيا لإسرائيل من وعد بلفور إلى كامب ديفيد يمثل رسالة حب قد تكون الأقوى على الإطلاق لأهل غزة الذين يعمل الكثيرون في العالم لأجل فك حصارهم، وتعمل بريطانيا والولايات المتحدة لأجل عدم فك حصارهم.

قاعدة الرياضة والكرة بالخصوص تقول أن الغلبة يوم لك ويوم عليك.. والتاريخ الكروي يتناسى الكثير من المباريات ويدفن أخرى، ولكن نوع المنافس وظروف المواجهات هو الذي يدخلها التاريخ.. لأجل ذلك لن ينسى الجزائريون ما حققه منتخب بلادهم عام 1975 بفوزه على فرنسا في لقاء نهائي قد لا يعني للكثيرين شيئا، لأنه كان ضمن ألعاب متوسطية لا يسمع بوجودها ثلاثة أرباع المعمورة، ولكن لأنه تحقق بعد ثلاثة عشر عاما من الاستقلال بقي محفورا في الذاكرة، ولأجل ذلك أيضا لن ينس الجزائريون إذا تحقق التأهل للدور الثاني من كأس العالم على حساب أنجلترا والولايات المتحدة، المتزامن مع تمكن الجزائر من فك بعض الحصار المفروض على غزة.

الذين يقولون أن مجرد رفع العلم الفلسطيني في ملاعب الكرة هو إقحام للسياسة في عالم الرياضة هم أول من قام بتسييس الرياضة، وحاولوا دائما أن يقولوا فيها ما عجزوا عن قوله سياسيا، فلا أحد أقنعه رياضيا خيار لاعبي المنتخب الفرنسي المتعثر حاليا في كأس العالم وكلهم اعتبروه خيارا عنصريا وسياسيا لا علاقة له بعالم الكرة.

دخول المساعدات الجزائرية إلى غزة هو بالتأكيد ليس انتصارا عسكريا، لأنه لن يمنحنا الأرض ولن يطرد العدو ولا يكسر حتى شوكته، وتغلب الجزائر على الإنجليز والأمريكان لن يعيد الجولان ولا القدس، ولكن تراكم الانتصارات المعنوية هو دائما ما يحقق الوثبات الكبرى التي جعلت من الألمان ومن اليابانيين دولا عظمى بدأ تفوقهم في مجالات صغيرة صنعت الأمجاد الكبرى مع تكاثرها.. والجزائر التي انتصرت إنسانيا في غزة على إسرائيل وقد تنتصر رياضيا في جنوب إفريقيا على أنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، لن يكون من الصعب عليها تحقيق انتصارات أخرى في مجالات أخرى وعلى أي أمة كانت، فالنصر الصغير هو من يلد الانتصارات الكبرى.

تخطي أنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية في مباراة كأس العالم سيكون ممزوجا بأوجاع غزة، وتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي المؤلم الذي كان أكثر ما فيه، حتى لا نقول كل ما فيه من تخطيط وتنفيذ أنجليزي وأمريكي منذ أن وعد بلفور وحقق وعده الآني.. في انتظار أن يعد أعداء بلفور ويحققوا وعدهم.