العراق بين تقرير مون ورسالة أوباما

 

2010/08/20

 

عبدالستار رمضان

الصورة الحقيقية للاوضاع في العراق يمكن رؤيتها بشكل واضح ومن غير رتوش او تجميل للواقع الموجود من خلال الحياة اليومية لاي مواطن عراقي يبدأ يومه بمسلسل الازمات المعروف من نقص الخدمات الاساسية وتدهور اوضاع الامن والفساد الذي ينخر في كيان واساس المجتمع العراقي من كل جانب، واهم من كل شئ هو فقدان روح الامل واصلاح الاوضاع والتغيير الذي حلم به العراقيون بعد التاسع من نيسان عام 2003 عندما ظنوا ان الديمقراطية والحرية يمكن ان تحقق لهم الحياة الكريمة والمستقبل المنشود.

الا ان مسيرة السنوات السبع الماضية وما جري لأبناء هذا الشعب المنكوب يظهر وبوضوح في ازمة تشكيل الحكومة العراقية التي تحولت الي عقدة مستعصية الحل ليس علي السياسيين والقوائم العراقية فحسب وانما علي المجتمع الدولي والادارة الامريكية التي يبدو انها تتخبط في سياستها وقراراتها في العراق.

فقد اظهر التقرير العلني الذي قدمه السيد يان كي مون الامين العام للامم المتحدة والمقدم الي مجلس الامن الدولي عن مسؤوليات بعثة الامم المتحدة في تقديم المساعدة الي العراق، حالة العراق والاوضاع التي يعيشها الناس، وهو رابع تقرير يقدم وفقا للفقرة 6 من القرار 1883 ، وتناول التقرير ما استجد من معلومات عن الانشطة التي اضطلعت بها المنظمة الدولية في العراق وقدم موجزا للتطورات السياسية الرئيسية بالاضافة الي الاحداث الاقليمية والدولية المتعلقة بالعراق، وعرض التقرير ما استجد من معلومات عن الانشطة التي قام بها الممثل الخاص للامم المتحدة للعراق آد ميلكيرت فضلا عن المسائل التنفيذية والامنية.

ورغم التقرير المطول هذا والفقرات الـ61 التي تضمنها فانه لم يعالج المسألة الاساسية والازمة التي تعصف بالعراق وهي ازمة تشكيل الحكومة فقد اكتفي بدعوته الي القادة السياسين بضرورة تشكيل الحكومة وابدي قلقه من ذلك، و هو ما يؤشر بشكل واضح ضعف دور الامم المتحدة في العراق، فقد جري التأكيد علي ضرورة تنفيذ التزامات العراق نحو الكويت والالتزام بتنفيذ القرارات الدولية اكثر من الموضوع الاساسي الذي يفترض للمنظمة الدولية ان تقوم به لاسيما وان العراق لا زال ضمن احكام البند السابع الذي يعطي للام المتحدة الدور والقرار في العديد من الامور في العراق. كما أن تأزم الاوضاع في العراق يظهر ايضا في الرسالة السرية التي قيل ان الرئيس الامريكي أوباما أرسلها الي السيد السيستاني في محاولة لكسر الجمود السياسي والتي يحثه فيها علي اقناع ساسة العراق المتنازعين علي تشكيل حكومة عراقية جديدة في آخر المطاف. هذه الرسالة السرية التي لم ينفها او يؤكدها احد من المسؤولين في البيت الابيض او المقربين للمرجع الديني تبين ان الادارة الامريكية ربما فقدت التأثير والنفوذ علي القادة السياسيين في العراق وبدأت باللجوء الي مراكز وقوي اخري تعتقد انها يمكن ان تؤثر في الاسراع بتشكيل الحكومة العراقية القادمة. بين التقرير العلني للامين العام للامم المتحدة والرسالة السرية لاوباما يظهر سوء وتعقد الاوضاع في العراق، فعلي الرغم من ان الشعب العراقي ادي ما عليه وتحدي التهديد والارهاب الذي اراد زرعه الارهابيون واعداء العراق الجديد وشارك بالملايين في التصويت علي الدستور والانتخابات الاولي والثانية (الاخيرة) لمجلس النواب، الا انه مع الاسف لم تكن الطبقة السياسية بمستوي هذه التضحية وهذا الاختيار الذي اراده العراقيون بتصويتهم وتأشيرهم علي ورقة الانتخاب.

فقد تم اغتيال الديمقراطية واطفاء بريقها الوهاج من خلال ما جري وما يجري بين الكتل والقوائم السياسية التي فرضت نفسها وجعلت من بعض شخوصها قوي فوق الدستور والقانون وفوق ارادة الشعب ونتائج الانتخابات.

فهل يوجد بلد في العالم، وبعد اكثر من خمسة اشهر علي اعلان نتائج الانتخابات، ومازال قادته يتحاورون والشعب العراقي يعيش في جو درجته تقارب الخمسين درجة وبدون ماء وكهرباء؟

وما هذه المباحثات وما تتضمنه جولات المفاوضات وعلي ماذا يتفقون؟ الله اعلم ..

نائب مدع عام ــ ماجستير صحافة وإعلام