م . هيثم أبو خليل - أمل الأمة

 

رغم تطور الحياة بصورة كبيرة وظهور عشرات الفضائيات المخصصة للأطفال إلا أن قصص التراث والقصص الكلاسيكية وحواديت كليلة ودمنة وألف ليلة وليلة ما زال يقصها الكثير منا علي أطفاله الصغار ومنها قصة سندريلا ...الفتاة التي توفت والدتها وهي صغيرة فتزوج والدها بامرأة شريرة لم تراعي الله فيها فعذبتها وأهانتها وأصبحت سندريلا تعمل خادمة لأخواتها الغير أشقاء   ..

 

عاشت سندريلا في قهر وحرمان وظلم بيًن وهي محرومة من خير أبيها في حين يتمتع به الآخرون أمامها ...

 

يا لها من مأساة ... إلي أن جاءت الساحرة الطيبة وحققت لها أمنياتها....وحضرت سندريلا الحفلة وأعجب الأمير بها...

 

 وظل يبحث عنها بعدما غادرت الحفل فجأة مسترشدا بجزمتها ( وكأن الجزمة لها بعد تاريخي في تراثنا في تغيير حياة سندريلا كما غيرت حياة منتظر الزيدي وجورج بوش ..!! ) والقصة بعد ذلك معروفة ...

 

والحقيقة أنني بعدما كبرت ووعيت وجدت أن سندريلا نموذج غير جيد بل وسييء للضحية المستسلمة التي لم تفعل شيء من أجل رفع الظلم عنها ومن تغيير حالها المرعب والاضطهاد والقهر الذي تحياه ...واستعادة كرامتها بل حياتها  ...مثلما وجدت علي بابا (شيخ منصر) كبير مثله مثل الأربعين حرامي ...!

 

لكن الحقيقة أن صدمتي في سندريلا كبيرة ... لأن مجال عملي في حقوق الإنسان يعتمد علي قوة الضحية وثباتها ورباطة جأشها ومقاومتها لو أرادت أن تخرج من هذه الحالة المؤقتة التي وقعت فيها ..

 

لكن للأسف هناك الكثير مثل سندريلا .....استمرأ دور الضحية ولا غضاضة عنده أن يعيش ويموت وهو ضحية ..!!

 

تذكرت موضوع سندريلا بشدة هذه الأيام وبلادنا تستعد لزيارة الأمير أقصد الرئيس الأمريكي أوباما وهناك من يراهن أن يشاهد أوباما في الحفلة أو الجولة ذات الساعات الثمانية الشعب المقهور فيرق له قلبه  فيمنحه صك الحرية من زوجة أبيه أقصد من النظام الذي يحكمه ...

 

ولا أفهم علي أي شيء سيلتفت الأمير أوباما لهذا الشعب وهم ليسوا في جمال سندريلا ولا توجد ساحرة طيبة ستحول قدرة الفول لعجلة ولا التوك توك لسيارة تقودهم لهذا الحفل لينعموا برؤية الأمير وإيصال صوتهم له مثلما فعلت الساحرة في تحويل الفئران لأحصنة وقرع العسل لعربة...! 

 

يا سندريلا ... سامحك الله

 

لماذا لم تنتفضي ضد الظلم وتعلني العصيان المدني داخل المنزل ... هذا منزلك ...منزل أبيك ...

 

آه ....يا سندريلا ...

 

لماذا الإصرار علي تجرع كل هذا الآسي تحت دعوي أنه ما باليد حيلة ...؟

 

لقد قدمت أسوأ نموذج وأسوأ قدوة ...توارثتها الأجيال وأرضعتها الأمهات لأولادهن مع اللبن فنشأت أجيال تحلم بالأمير القادم من وراء المحيطات لينتشلها من الفقر والقهر والظلم بل وليصلح لها حال بلادها ...

 

أرأيت مدي خطيئتك يا سندريلا ... لقد دب الكسل في هذه الشعوب وأصبحت تريد مقاولي أنفار ليقاوموا ويغيروا وليصلحوا بلادهم بدلا منهم ..!

 

 كل مواطن يقول نفسي نفسي  .... أما البلد والوطن فيقولون عنه  (إياكش تولع) باللى فيها ...! ولا يدرون أن وقود النار سيكون منهم ...

 

 ويا أمتنا العربية والإسلامية لا تنتظروا ساحرة طيبة تصل بكم للأمير....

 

 فالسحرة كلهم شريرون ويصلون بكم إلي جهنم ..؟

 

لكن قاوموا ... تحركوا ... أبحثوا عن حريتكم ..عن كرامتكم ... عن مقدرات بلادكم ...

 

عندها سيحضر الأمير أوباما جاثياً علي ركبتيه يطلب رضاكم ..؟

يسعدنا تعليقاتكم