ويلومون
أميركا!
قد يكون السبب معروفاً، وهو السبب الذي يجعل سياسيي المنطقة الخضراء في بغداد يعودون لأميركا في الشاردة والواردة، إذا ما سلمنا جدلاً بأن أميركا انسحبت بحق وحقيقة من العراق، وبالتالي أنهت احتلالها لهذا البلد، بيد أن هؤلاء الساسة أول من لا يقر بهذا الانسحاب، عندما يضعون مسؤولية ما يعتري العملية السياسية من عقبات وتأزم وهشاشة على عاتق أميركا، وهذا الإقرار والاعتراف دليل على أن أميركا لا تزال في العراق شكلاً ومضموناً.
هؤلاء الساسة يتوجهون إلى واشنطن لنيل بركاتها، كي تتدخل في الشأن العراقي، وهم بهذا التوجه، شطبوا من قاموسهم السيادة والاستقلال، وهذا الشطب لم يكن وليد اليوم، وإنما من زمن بعيد، وربما يكون قبل انخراطهم في المعارضة العراقية السابقة التي أهلتهم بمعية أميركا إلى أن يستوطنوا في المنطقة الخضراء حكاماً، وبغض النظر عن ماهية هذا الحكم.
وعلى هذا المنحى نشر إياد علاوي رئيس الوزراء الأسبق مقالاً في إحدى الصحف العربية في الفترة الأخيرة، لام أميركا فيه أكثر من مرة، إذ قال: «إن تجاهل الولايات المتحدة الواضح للوضع في العراق قد أعطى المالكي ثقة غير مبررة للتحرك والاقتراب بشكل أكبر من هدفه في إقامة سلطة مطلقة».
كما قال: «وفي ظل الغياب المتواصل لأي جهد واضح من قبل واشنطن كراعية لاتفاقية أربيل من أجل تجاوز المأزق الحالي»، وفي المقال نفسه ذكر: «ولكن ينبغي على الولايات المتحدة أن تضاعف جهودها من خلال الأمم المتحدة لإعادة وضع العملية السياسية في العراق على طريقها الصحيح من دون أي تأخير».
واستطرد «ولا يزال البيت الأبيض يتمتع بنفوذ معتبر على حكومة المالكي»، ومقترحاً «وينبغي على الولايات المتحدة استخدام هذا النفوذ لضمان أن التضحيات الضخمة للشعبين العراقي والأميركي لن تذهب سدى»، ومؤكداً في ختام المقال «وبالتأكيد يمكن تجنب مثل هذا المصير المأساوي لدور الولايات المتحدة في العراق الذي يحمل أيضاً عواقب خطرة للعالم».
من مقال علاوي الآنف، يتضح أن سياسيي أو ساسة المنطقة الخضراء يعتبرون أميركا مرجعية لهم، حتى لو افترضنا انسحابها من العراق، مع أن الكثيرين يقولون تعليقاً على موضوع الانسحاب هذا بالقول: لو أن أميركا انسحبت من العراق، لكان هؤلاء أول من يغادر العراق أو على الأقل ينسحب أو يغادر المنطقة الخضراء.
بقي القول إن الحق على أميركا وليس «ع الطليان» أي الإيطاليين، مع الإشارة إلى أن هناك كلمة في اللهجة العراقية الدارجة هي «طلي وجمعه طليان» أي خروف وجمعه خرفان، وهكذا دواليك!
عبدالزهرة الركابي
rekabi@scs-net.org