أدارة أمريكية بديلة في العراق د. فاضل البدراني    طباعة             أرسل لصديقك

 

كتبها بقلم د. فاضل البدراني  

 

السبت, 12 نوفمبر 2011 10:48

 

وأخيرا اعلن الرئيس الامريكي باراك اوباما الانسحاب العسكري من العراق بحلول كانون الاول المقبل وترك مسؤولية حفظ الامن في هذا البلد على عاتق  قواته العسكرية المحلية،ولمجرد ان نطق اوباما بالقرار انقلبت الدنيا ولم تقعد وراحت تتسابق التصريحات التي تؤكد مخاوف بعض الاطراف حول الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الامريكي ومن الطرف الذي سيملأه ،وكذلك السعادة التي أنتشت بها اطرافا اخرى في فرصة اغتنام العراق كلقمة سائغة ،وهي تتصور بان الغباءالامريكي قد يقود الى الجلاء العسكري،بينما تغرق هي ذاتها ببحر الغباء.وفي المحصلة النهائية الامر مختلف عند كلا الطرفين أذ اخطأ المتخوفون في تحليلهم

 

فيما أخطأ المتفائلون أيضا، فالامورحبلى بمتغيرات سيكون للعراق نصيب كبير منها ،وتداعياتها لم تصب في مصلحته،فهذا البلد مهيأ لمرحلة جديدة من العنف والاضطراب السياسي والامني وسيغوص في اشكاليات الفيدراليات الطائفية والعرقية لا سمح الله التي تخطط لها الولايات المتحدة واطرافا اخرى وستفرزهذه تقاطعات وحروبا مناطقية عنيفة،وانطلاقا من هذا هيأ الامريكان البديل الذي سيمكنهم من تواصل التواجد والحضور في هذا البلد الذي خسروا فيه عشرات الالاف من جنودهم وضعف ذلك من المعاقين في الحرب التي دارت مع العراقيين خلال السنوات الثمان الماضية في اعقاب الغزو مطلع 2003.وتؤكد المعلومات ان الدورالقادم هو لوكالة الاستخبارات المركزيةال \" C I A\" حيث انيطت لها مسؤولية ادارة الملف الامني بالعراق بطرق بديلة بالتعامل مع التقنية العسكرية الحديثة وبدأت فعلا في البحث عن طرق جديدة لتسيير فعالياتها في العراق بعد إعلان سحب 39 الف جندي من قطعاتها العسكرية من العراق،ومن أجل ذلك بدأ التطرق إلى نقل كافة الأجهزة الاستخباراتية الى قاعدة\"انجرليك\" في مدينة أضنة جنوب تركيا ومنها طائرات تجسس بدون طيار والتي ستكون تحت تصرف ال \" C I A\" وكذلك الجانب التركي في تعقب الجماعات المسلحة والشخصيات المطلوبة، ومقابل استخدام قاعدة انجرليك فان تركيا ستحظى بخدمات هذه الطائرات وغيرها،وستتعقب الاهداف التركية عناصر حزب العمال الكردستاني المتمردة التي تتمركز في جبال العراق الشمالية مستفيدة من ولاء أكراد العراق لها،وهي خطوة ستكون أستباقية لتركيا ضد اعدائها فيما ستكون المهمة الاصعب للجانب الامريكي الذي سيتعقب جماعات وشخصيات، يبدو ان واشنطن ستفصح عنها لاحقا وستكون في العراق وايران وسوريا،سيما وان اعلان الانسحاب هوخطوة غير متوقعة من جميع الاطراف وهي وليدة التطورات الجديدة التي حصلت في العالم خاصة بعد احداث الخريف العربي وسقوط نظام القذافي وما يشكله النفط والغاز الليبي من اهمية كبيرة لدى الاقتصاد الامريكي مستقبلا ،ومن خلال المعطيات فان عهدا جديدا من العلاقات الامريكية التركية ستنال فيه انقرة دعما عسكريا وسياسيا من واشنطن وهذه طبيعة التوازنات السياسية الدولية المبنية على المصالح المشتركة ،حيث ستكون المتابعة الامريكية للوضع غيرالمستقر بنظرها في ثلاث دول متجاورة من قاعدة انجرليك وحتى من الكويت،وهذا قد ورد على لسان مسئول أمريكي رفيع المستوى مؤخرا عندما ذكر بأن نشاطات وجمع المعلومات الاستخباراتية لوكالة المخابرات المركزية من الممكن ان يتم من تركيا والكويت بهدف متابعة كافة التطورات الجارية في العراق وإيران وسوريا بعد أن كانت تتم عبر القواعد الامريكية في العراق.ولما كانت الولايات المتحدة وايران تختلفان في السياسة وتتفقان في الاقتصاد في المرحلة الماضية في محور قضية مشتركة اسمها \" العراق\" والفائدة التي تتحقق من ثرواته النفطية الكبيرة ،فان التفاهم في الجانبين السياسي والاقتصادي هي سمة العلاقة الامريكية التركية في المرحلة المقبلة. لذلك توهم من خشى من ان الانسحاب الامريكي سيخلق فراغا ربما تملأه ايران،وأيضا توهم البعض الاخر عندما تفاءل من ان الانسحاب سيعطيه امتيازا للتمدد ورسم خارطة جديدة وفق مقاسات ما يريد.وتلك الاجابة وردت في تحذير وزير الدفاع الامريكي \"ليون بانيتا \" لايران قبل مغادرته اليابان متجها لكوريا الجنوبية\"إن الولايات المتحدة ستحافظ على علاقة طويلة الأمد مع العراق،وتسعى إلى المحافظة على وجود لها في منطقة الشرق الأوسط لفترة طويلة مقبلة\".ان ما يتوقع ان يحصل في هذا البلد يضع خطوطا حمراء امام قادته للمضي قدما نحو اعادة النظر في توجهاتهم السياسية ونبذ خلافاتهم فيما بينهم ،وألا سيكونون حطب تلك النار التي ستوقدها الولايات المتحدة واسرائيل.