من هنا وهناك-في حاجة الى الجنون
كتبنا
في لحظة وصول
جوزيف بايدن
الى تل أبيب، ما
معناه أن
مهمته تتمحك
شكلاً بموضوع
مفاوضات
التسوية،
بينما هي في
المضمون، ذات
علاقة بالتعاطي
الأميركي
المفعم
فزعاً، مع
ديبلوماسية
الترهيب التي
اعتمدتها
حكومة نتنياهو،
وقوامها
التظاهر ان اسرائيل
ستضرب لحماية
مصيرها من
قنبلة ايران
النووية.
وباعتبار أن
الضربة
المفترضة أو التي
يلوح بها
نتياهو
متعمداً، لا
توائم الولايات
المتحدة
للاسباب التي
أوضحناها؛
فان الديبلوماسية
الأميركية
التي ابتلعت
الطُعم، لم
يعد يهمها شيء
سوى منع
الضربة
المفترضة. أما
موضوع
التسوية
والمفاوضات
فلا يساوي عند
المحرضين في
الكواليس
الأميركية،
من المحافظين
الجدد، قيمة
الرحلات
الجوية
للموفدين الأميركيين
الى الشرق
الأوسط،
بخاصة وأن
العرب عاجزون
ولا بدائل
لديهم. ولم
يعد هناك شيء
ضاغط، من
الجانب
العربي، لا
ديبلوماسياً
ولا أمنياً ولا
اقتصادياً،
يضطر
الولايات
المتحدة الى التوقف
لكي تختبر
المسائل،
ولكي تتصرف
كدولة أعظم،
فلا تبتلع
بهذه السذاجة
طُعم أعداء الاستقرار
الدولي
ومُنتجي
الحروب
وحارسي الاحتلال
العسكري
الوحيد
والأخير الذي
ما زال ماثلاً
في العالم وفي
التاريخ.
لقد بدا
من خلال جولة
جوزيف بايدن،
أنه استرضى
حكومة
نتنياهو على أكثر
من صعيد،
لتتصاعد
النبرة
الأميركية المتفزعة
من ايران،
ولكي تظهر من
جديد محاولات تسويق
فكرة الخطر
الايراني
للدول
العربية، في
الوقت الذي
تصبح فيه كل
المُبطلات
الاسرائيلية
للسلام
المزعوم في
قلب المنطقة،
وكل النكران
والجفاء
للقضية
المركزية
للعرب
وللمسلمين؛
أحداثاً
عابرة لا
أهمية لها!
* * *
نتنياهو
وحكومته
يبتزون
الأميركيين.
والأميركيون
يرضخون
بسذاجة،
ويطلقون
محاججات سخيفة
عن أخطار
ايرانية،
ويريدون من
العرب أن يرضخوا.
والمحتلون
المسكونون
بأساطير
سوداء،
وبهواجس
وعُقد الغيتو
وفلسفاته، لا
يطيقون فكرة
التسوية. ولكي
يحققوا
مبتاغهم،
تراهم أشد
حرصاً على تسميم
العالم كله،
واحراج
الزعامات
التي لطالما
وصفها
الأميركيون
بـ
"المعتدلة"
والجديرة
بالشراكة في
السلام. فعندما
يتحدث
الأميركيون
عن شريك عربي
في عملية
سلام، يصبون
جام غضبهم على
من لا يصلحون
كشركاء،
كأنهم ملأوا
أيديهم من
الشريك الاسرائيلي
الذي لا يفهم
معنى السلام
أصلاً!
أبو
مازن ذهب الى
العرب. كان
الحديث عن
أربعة أشهر،
لم يكن أحد
يتوقع لهذه
الأشهر
الأربعة أن تبدأ
بكل تلك
الجُرعة
الزائدة من
السموم الاسرائيلية.
والآن
الأميركيون
يبررون،
بمعنى أن
الخطوة
التالية
ينبغي أن تكون
عربية. في هذا
السياق يصبح
السؤال
الحاسم
والأهم: هل
يمكن للنظام
العربي بكل
حلقاته، أن
يتبنى
استراتيجية
ضاغطة فعلاً
على واشنطن،
بمراجعات
حقيقية تتصل
بالاقتصاد
وبالودائع
المالية
وبالتسعير
النفطي
وبالتعاون
الاقتصادي
وبالشراكة
الأمنية
والدعم
اللوجستي
وغير ذلك؟ فان
لم يكن العرب
جاهزين،
فستكون
المبادرة بيد
المتشددين
الذين
ستتعاطف معهم
الجماهير!
ان كان
العرب
مستعدين،
فليبدأوا
بصياغة ورقة
يضعوا فيها
محددات
سياستهم،
وتوضح بكلمات
لا لُبس فيها،
أن لا مشكلة
لنا مع ايران،
وأن التعاون
الأمني واللوجستي
بين العرب
وأميركا،
اثبت أنه يعود
علينا بنتائج
كارثية
ويُعرض
مجتمعاتنا
لمخاطر تهديد
الاستقرار،
ويزيد من
عربدة المحتلين
الاسرائيليين،
وأن لا مردود
له سوى الخيبة
والتحسب
والاضطراب
والحياة على
كف عفريت.
والأميركيون
لن يفهموا كيف
يتصرفون
بصواب، ما لم
يتأكدوا أنهم
سيخسرون. فان
كان لدى
نتنياهو ما يكذب
به، بل ما
يرهب به
أميركا،
ويتظاهر انه سيضرب
ايران، لكي
تترك أميركا
كل شيء
وتستجدي منه
التعقل،
فليكن لدينا
ما نكون
صادقين فيه مع
أميركا ومع
أنفسنا، دون
أن نتظاهر به،
وهو أن أميركا
تخون كل مبادئ
رعاية
العملية السلمية،
وتخون
المعتدلين
والأصدقاء،
وأن لدينا حتى
في الطبقة
السياسية
"مجانين"
أكثر مما لدى
الدولة
العبرية
بكثير. فان
كانت مفردات
السياسة
ورعاية
التسوية
والوساطة
والمفاوضات،
تعتمد الجنون
الصهيوني
وترحب به،
فاننا نصبح في
حاجة الى
الجنون
الحميد، الذي
يمكن أن يتصدر
الحياة
السياسية
العربية لو
سمحنا بقليل
من
الديموقراطية.
وما يقع من
السماء يمكن تتلقفه
الأرض!
www.adlisadek.net
adlishaban@hotmail.com