طاعون العصر يضرب بوسطن

 

17/04/2013

 

عندما يصبح المدنيون هدفاً للتفجيرات العبثية، تكون هذه الأفعال كارثة إنسانية، لا ترتبط بعرق أو بدين أو مكان بعينه. فالناس العاديون يجب أن لا يكونوا وقودا لهذه الحرب التي تشن على الآمنين. ونحن في الشرق الملتهب، نكتوي بنيرانها بشكل يكاد يكون منتظما.

ففي الأردن، ومنذ سنوات ليست بعيدة، ضرب الإرهاب الآمنين عندنا، وقتل الأبرياء في فنادقنا بدون أي وجه حق. والمشهد يتكرر؛ حيث يسقط عشرات الأبرياء في العراق بشكل يكاد يكون شبه يومي، ومثلهم يسقط في سورية. والسلسلة تمتد إلى باكستان وغيرها من المناطق في العالم الذي أصيب بنكبة جديدة من نكبات القرن الحادي والعشرين.

 

ليس العالم بمنأى عن دوامة الدم العبثية التي تضرب في كل مكان. مدينة بوسطن كانت هدفا لهذه الضربات أول من أمس. والمؤسف أن الضحايا الذين سقطوا هم من الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة؛ فليسوا طرفا في السياسة الأميركية حتى يتحملوا وزر سياستها في العالم، ولا يستحقون هذا الفعل المدان. والحال تنطبق كذلك على العراق وسورية وباكستان وبريطانيا وفرنسا، وأي بقعة على وجه الأرض.

 

الإرهاب وترويع المدنيين وسيلة يائسة وبائسة، لا تحمل أي هدف يمكن أن يغير موقفا سياسيا، بل على العكس؛ فإن النتائج تكون عكسية على من يقوم بمثل هذه الأفعال. ولنا أكبر شاهد على ذلك في تفجيرات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 التي ضربت الولايات المتحدة الأميركية، إذ اتخذتها الولايات المتحدة ذريعة لشن حروب دموية على أفغانستان ثم العراق، وأصبح المسلمون هدفا في العالم كله كنتيجة من نتائج تلك الهجمات التي تركت آثارها علينا حتى هذه اللحظة.

 

أصبح مشهد التفجيرات هو الأكثر حضورا بعد الحرب الضروس التي شنت بدعوى محاربة الإرهاب وضربه في معاقله، وأصبحت عمليات قتل المارة في الشوارع نتيجة لهذه الأعمال تتصدر نشراتنا الإخبارية اليومية. ولكن، هل يتم تحقيق أهداف تذكر من هذه الأفعال العدوانية، باستثناء المزيد من الخسائر السياسية، والحقد بين شعوب الأرض وبين مواطني البلد الواحد؟

 

طاعون الدم الذي انفلت من عقاله بعد 11 أيلول (سبتمبر) 2001، أصبح يضرب كل مكان. وبوسطن كغيرها من مناطق العالم، ضربها هذا الطاعون، وأوقع القتلى والجرحى من الأبرياء. فالعالم لم يعد ساحة آمنة، بل الكل مهدد. ورغم كل التدابير الأمنية والاحترازات التي تقوم بها الدول، إلا أن الأسباب الكامنة وراء مثل هذه الأفعال ما تزال قائمة ولم تجر معالجتها بشكل جذري، بل على العكس؛ فإن السياسة الخارجية للولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية، تشجع على مثل هذه الأفعال المدانة والتي يذهب ضحيتها الأبرياء من المدنيين.

 

ثقافة العنف والدمار والخراب والقتل هي ثقافة مدانة، ولا ترتبط بدين أو عرق أو ثقافة محددة. لذا، مطلوب من الجميع الوقف بحزم في وجهها.