نقطة نور

ديمقراطية المخابرات الأمريكية‏!‏

بقلم: مكرم محمد أحمد

 

لا أعتقد أن الدفاع الذي تشهره الجمعيات الأهلية والمدنية المصرية لتبرير تلقيها هذا الحجم الضخم من الأموال الأمريكية‏,‏ لقاء تقارير وبحوث ودراسات تتقصي أوضاع مصر الداخلية,

 

والذي يخلص في حق هذه الجمعيات في الحصول علي هذه الأموال, مادامت الحكومة المصرية تستفيد من المعونات الأمريكية يمكن أن يقنع أحدا, لأن هناك فروقا مهمة وأساسية بين صلاحيات الدولة وحقوقها في السيادة الوطنية, وصلاحيات الأفراد والمؤسسات الأهلية التي ينبغي أن تلتزم بالقوانين السائدة, علي حين تخضع الحكومة لرقابة السلطة الشعبية ممثلة في البرلمان في كل ما يتعلق بمصادر تمويلها, وأوجه إنفاقها.

ويزيد علي ذلك أن المؤسسات الدولية التي تقوم بتمويل أنشطة الجماعات الأهلية والمدنية السياسية تفعل ذلك خروجا علي القانون, ولأهداف غالبا ما يكون ظاهرها غير باطنها, وفي أحوال كثيرة تكون الأهداف المعلنة لهذه المؤسسات ستارا لأهداف أخري خفية تكون في الأغلب ضد مصالح الوطن إذا اصطدمت مصلحته مع مصالح الولايات المتحدة, خاصة عندما يكون عمل هذه المؤسسات الدولية امتدادا لعمل أجهزة المعلومات والمخابرات, كما هو الحال مع المعهدين الديمقراطي والجمهوري اللذين يحصلان علي تمويلهما رأسا من موازنة المخابرات الأمريكية, برغم العنوان الباهر لمشاريعهما الديمقراطية!

وثمة ما يؤكد أن المعهدين الديمقراطي والجمهوري يمثلان مجرد غطاءات لعمل مخابراتي تنهض بمهامه المخابرات المركزية في الخارج, وحتي إذا كان هدف هذه المؤسسات ـ كما أوضحت صحيفة واشنطن بوست ـ أن تساعد الديمقراطية بعض الوقت, فإنها تعمل معظم الوقت ضد الديمقراطية, وتقف دائما إلي جوار مصالح الولايات المتحدة التي تصطدم بالضرورة مع آمال الشعوب وحقها في تقرير المصير, وهذا ما فعله المعهد الديمقراطي في الإطاحة بالنظام المنتخب في كل من هاييتي وفنزويلا, وما تورط فيه المعهد الجمهوري في محاولة تغيير القوانين الانتخابية في البرازيل, بالإضافة إلي دوره الشهير عام 2009 في الانقلاب علي الحكومة الديمقراطية في هندوراس, ولا أظن أن مصريا عاقلا يمكن أن يصدق أن واشنطن تريد ديمقراطية صحيحة ومكتملة لمصر والعالم العربي, تمكن الرأي العام من أن يكون طرفا أصيلا في تشكيل خياراته الاستراتيجية, التي تتمثل في الإصرار علي ردع الهيمنة الإسرائيلية وتصفية احتلالها للأراضي العربية, وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة.

 

المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد