آفاق .. الفوضي الأمريكية ( 2)

تاريخ النشر: الأربعاء22/8/2007, تمام الساعة 12:18 صباحاً بالتوقيت المحلي لمدينة الدوحة

بقلم : د. طارق الشيخ .. أمريكا تعزف للعالم معزوفة لم يفهمها احد. تنظر في الافق فلاتري الا صورتها فتعتقد ان العالم غاية في الجمال. القطب الأحادي لايري في العالم الا أمريكا السوبر الوحيد في عالم مابعد إنهيار المعسكر الاشتراكي.

 أذكر ان أسوأ مافي النظام الاشتراكي الذي عشت سنوات جميلة في عهده ماقبل الانهيار الكبير هو ان الدولة تقوم بكل شيء.

الدولة هي أمك أكثر من امك التي ولدتك.. الدولة هي اكثر من أب فهي التي تربي وتعلم.. وهي التي تمنحك السكن وتهب الأكل للجميع من يكدح أو من ينام في العسل والبطالة. ومقابل ذلك تلغي الدولة أهم مالديك..

 عقلك فهي تفكر بالإنابة وتقرر بالإنابة. لماذا لأنها أكثر من أب وام وأكثر من وصي. فما دامت الدولة تقدم كل شيء فهي جديرة كل الجدارة أن تفكر بالإنابة وتعفيك من هرش الدماغ ومن التعب والإرهاق الذهني. ولذلك تخرب ذلك النظام بذات الأيدي التي أطعمت وعلمت وعالجت. ولذا كان أهل تلك البلاد أطول عمرا بدون منازع. وأقل أهل الأرض عرضة للإصابة بالضغط الدموي بأنواعه ولايعرف غالبيتهم معني أمراض السكر. اليوم امريكا تريد نفس الشيء للعالم. تريد ان تكون أم الدنيا كلها وأب العالم أجمع.

 امريكا تريدنا أن نفهم العالم كما تراه هي بقيمها هي ومعرفتها هي. أمريكا تريدنا ان نعلب أدمغتنا ونريحها من التفكير في معني العولمة، وان نكف عن السؤال عما تعنيه الفوضي التي تزرعها أمنا امريكا في كل العالم. تريدنا ان نفهم الاشياء كما تخرج من واشنطن وان نريح أدمغتنا من التبصر في معاني هذه الديمقراطية المتوحشة..

وهذه الرأسمالية المتوحشة.. وهذه الإمبراطورية الاحادية التي توشك ان تفترس عالمنا بغضه وغضيضه. أمنا امريكا تحيل العالم الي جحيم. إنها ام جهول مدمرة بجهلها ومهلكة لبني عالمها اجمعين. تحب الديمقراطية وتكرهها لأبعد حد في وقت واحد..

تنادي بالعدل والمساواة فيما تقمع كل قيم العدل والمساواة. أمنا تنادي بالفوضي الخلاقة فيما تهدم كالثور الهائج كل معني خلاق. أمريكا التي رأت أن نبني بيتنا هنا ونسميه الشرق الأوسط الكبير لكنها أحالته الي أكبر موطن للفوضي.. واكبر حالة تدمير شاملة يشهدها عالمنا.. فوضي خلاقة. نواصل.

عودة الى المقال